بواسطة ماري جونز
لا يمكننا أن نغفر للآخرين إذا لم نشعر بأن الرب يغفر لنا نحن.

تحدّثنا قبل عدّة مقالات عن أهميّة التّسامح والمضيّ قدماً. سنناقش في هذا المقال عدداً من الطرق التي يمكننا من خلالها أن نسامح. يمكنني أن أتخيّل معظم الأشخاص وهم يقولون: “همم، كيف لي أن أسامح ذلك الشخص الذي تسبّب لي بالكثير من التعاسة؟” لكن يجب أن يكون السؤال هنا: “هل أنا قادر على تحمّل تكاليف عدم المسامحة؟” وما تأثير “الألم” على ذاتي الداخليّة؟ فإذا كنّا نتوقّع من الآخرين مسامحتنا، عندها تكون عملية مسامحتنا لهم أمراً يسيراً. تقول إحدى أكثر المقولات المفضلة لدي: “سامح الآخرين، ليس لأنهم يستحقّون المغفرة، بل لأنك تستحق السلام“.
إذاً، كيف يمكننا أن نسامح؟ علينا أولاً أن نفهم ماهو التسامح وما هي أهميته. تكمن أهميّة التسامح في توفير شعور بالسلام الداخلي، والأمان، والقوّة. كما أنه مهمّ لأنه يشفينا، لأننا عندما نحمل الألم بداخلنا، يمكن أن يسبب لنا أمراضاً جسدية. بإمكاننا تحقيق ذلك من خلال ممارسة أفعال تسامح بسيطة، مثل مسامحة أحدهم عندما يتجاوزنا خلال ازدحام المرور أو في المتجر.
يتطلب التسامح ممارسة، فكلما أقدمنا على فعله أكثر أصبح الأمر أسهل. نُسامح بسهولة عندما ندرك أن كل إنسان له صفاته الفريدة، والمميزة، والقيّمة مثلنا. هنالك تدريب آخر جيّد يمكننا تطبيقه من خلال ملاحظتنا لأنفسنا عندما نتعامل مع أحداث صعبة. فإذا كنا قد ترعرعنا في مكان مليء بالحب، من غير المرجح أن ننزعج من الأحداث اليومية التي نواجهها. فمن المهم أيضاً أن تعرف من تسبب لك بالأذى والألم. قد يبدو هذا أمراً جلياً، لكن وفقاً لتعاليم كتاب A Course in Miracles: “أنا دائماً ما لا أكون منزعجاً مما أعتقد أنه السبب”(ACIM الدرس رقم 5).
في بعض الأحيان نكون غاضبين دون أن نكون متأكدين من سبب هذا الغضب. يمكننا تحديد مكان مشاعر الألم عندما ننظر بعناية إلى الأشخاص المحيطين بنا، وعائلاتنا، وإخواننا، وأزواجنا، وأقراننا، وأطفالنا، وزملائنا في العمل، وما إلى ذلك. حيث أن القيام بهذا يعطينا فكرة أفضل عن الشخص الذي نحتاج إلى أن نسامحه. هذا مكان مناسب جداً للبدء، فالمسامحة ليست فقط للآخرين، بل يجب علينا أن نتعلم كيف نسامح أنفسنا أيضاً. إذ تمضي الحياة، وفي بعض الأحيان نجد أنفسنا في مواقف أقل من مثالية، ويتوجب علينا عندها أن نسامح أنفسنا وهذه المواقف. وفي حال أصبح المضي قدماً أمراً صعباً، يجب عليك عندها أن تستشير اختصاصياً.
في حال كنت تعاني لتقبّل شعور التسامح، فهذا لا يعني أنه لا يمكنك تحقيقه. بل يعني فقط أن العملية بحاجة إلى وقت أكثر. كن هادئاً وصبوراً مع نفسك، وسوف تنجح في ذلك. يتمثّل النهج الجيد في إحاطة نفسك بالأشخاص ذوي الفكر الإيجابي والذين سيدعمونك في وقت الحاجة. فقد عانيت شخصياً مع مسامحة أهلي فيما أعتبره تربية أقل من مثالية، حيث اعتدت أن أكون غاضبة، خصوصاً تجاه والدي الذي كان بالنسبة إليّ أقرب إلى وحش منه إلى أب. لكن بعد قراءة الكتب التحفيزية وممارسة التعاطف، أصبح الأمر أسهل بالنسبة لي، وكنت قادرةَ عندها على مسامحته على ما “كنت أعتقد” أنه قد قام به. واستنتجت لاحقاً أنه قام بأفضل ما أمكنه ضمن الموارد والمعرفة التي كانت لديه آنذاك. لقد أضعت الكثير من الوقت على غضبي، لكنني أيضاً توصّلت إلى مسامحة نفسي على الحكم الذي أطلقته عليه واتهامي له بأنه أب سيئ. هنالك شيء آخر ساعدني بشكل كبير، وهو الدعم والتوجيه الروحاني. إذ اكتشفت أنني أكثر من مجرد جسد، وأنني واحدٌ مع الروح القدس، وأنه بإمكاني ندائه في أي وقت. هنالك دائماً من يستطيع المساعدة، ونحن لسنا وحيدين أبداً.
تمّت الترجمة والتدقيق بواسطة هدى شربجي وعبدالله الخضر
Translated and edited by Huda Sherbaji & Abdalla Al-Kheder
إذا لم تغفر الذنوب، فماذا تفعل بها؟
اترك تعليقاً