من قبل تيريزا نجيجي
كتابة وتنسيق كارين ديموث

قمت مؤخراً بنزهة في الغابة برفقة ابنتي بالمعمودية البالغة من العمر 17 عاماً ووالدتها. وبينما كانت ابنتي بالمعمودية تلتقط الصور المميزة، كنا أنا وصديقتي نستمتع بالهدوء والسكينة، ونعجب بالأشجار الكبيرة والثلج اللامع على الأغصان. ثم تنهدت صديقتي وقالت: إنه حمام غابة حقيقي. فسألت ابنتي بالعمودية بذهول “ما المقصود بحمام غابة حقيقي؟”، فبدأنا أنا وصديقتي بمحاولة شرح المصطلح لها. سيعرف جميع الأفراد الذين يستمدون مثلي لحظات السعادة الصغيرة والكبيرة من الطبيعية ما أتحدث عنه. أتمنى أن يلهم ذلك الآخرين للتنزه في الطبيعة… حتى لو اقتصر ذلك، بسبب جائحة كورونا، على التنزه في الحديقة المجاورة.
التطوّرات الملموسة عبر “حمام الغابة”
في أوائل القرن 1980، بدأت الوكالة اليابانية للغابات بتوعية الأشخاص للقيام بنزه إلى الغابة لصحة أفضل. حيث تم إطلاق اسم حمام الغابة، أو shinrin-yoku، على تلك الممارسة، والتي يعتقد بأنها تخفض من مستوى القلق – لكن لم يتم إثبات ذلك بعد. وأقدم بعض الباحثين اليابانيين على اكتشاف ما إذا كان هناك شيء مميز وعلاجي يطرأ عندما يقضي الأشخاص بعض الوقت في الطبيعة. منذ ذاك الوقت، أظهرت الأدلّة أن قضاء بعض الوقت في الطبيعة يعد السبب وراء العديد من التغيرات الإيجابية الملموسة في الجس.
حيث اكتشف يوشيفومي ميازاكي، باحث وخبير في العلاج عن طريق الغابات في جامعة شيبا اليابانية أن الأشخاص الذين يمضون 40 دقيقة في التنزه عبر غابة الأرز يكون لديهم مستويات أقل من هرمون القلق “الكورتيزول”، المرتبط بعمليات ضغط الدم المرتفع وجهاز المناعة، مقارنةً بمن يقضون 40 دقيقة في مشي ضمن المختبر. ومن الواضح، أن قضاء الوقت في الغابة يعزز حالة الاسترخاء النفسي.
واكتشف د. تشينغ لي، وهو بروفيسور في كلية الطب نيبون في طوكيو، أن النباتات والأشجار تقوم بإفراز زيوت عطرية تدعى الفيتونسيدات، والتي يمكن لها أن تحفز التغييرات البيولوجية الصحية لدى استنشاقها. ووضح “لي” في دراسته أنه عندما يتنزه الأشخاص في الغابة أو يقضون ليلة كاملة بها، فغالباً ما يسبب ذلك لهم تغييرات في الدم. حيث تعمل الفيتونسيدات على زيادة عدد الخلايا القاتلة الطبيعية، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء التي تدعم جهاز المناعة وتساعد على تخفيض خطورة الإصابة بمرض السرطان. ويُعتقد أيضاً أن الخلايا القاتلة الطبيعية لها قدرة على محاربة العدوى، واضطراب جهاز المناعة، والتقليل من أثر الالتهابات
الاسترخاء في الطبيعة غير المتطلِّبة
أوجدت دراسة شاملة في يونيو من عام 2016 أن ما يقارب 10% من الأشخاص الذين يعانون من ضغط الدم العالي، يمكنهم السيطرة عليه إذا ما أمضوا 30 دقيقة أو أكثر في منتزه كل أسبوع. حيث يمكن للهواء النقي أن يكون أحد العوامل المساعدة، إذ تم ربط تلوث الهواء بزيادة خطورة الإصابة بالذبحات القلبية، ولكن يعتقد العلماء أن تخفيض مستويات التوتر يعد من العوامل ذات التأثير لأن الطبيعة غير متطلبة، فلا داعي لبذل أي جهد عند مراقبة الأوراق على الأشجار.
ويمكن لمشاهدة الشلال المذهل والاستمتاع بالمناظر الريفية الأخاذة أن يثير مشاعر الانبهار التي تملك العديد من الفوائد الصحية. فَفي دراسة أجريت عام 2015، وجد الباحث بول بيف من جامعة كاليفورنيا في إيرفين، أن التعرض المتكرر للحظات الانبهار يرتبط بالتقليل من مستويات مركّبات الالتهاب في الجسد.
يمكن للتفاعل اليومي مع الطبيعية أن يعود بفوائد أيضاً. وجدت دراسة أجريت في 44 مدينة عام 2016 أن المناطق الريفية المزوّدة بحدائق حصلت على نسب أعلى من غيرها فيما يخص مستوى رفاه المجتمع. حيث كان الأشخاص القاطنين في المدن ذات المساحات الخضراء ميالين أكثر للإبلاغ عن امتلاكهم لطاقة أكثر، وصحة أفضل، وإدراك غاية من الحياة أيضاً.
…محاربة اضطرابات المزاج و
أوجدت دراسة صغيرة نشرت في أعمال الأكاديمية الوطنية للعلوم عام 2015 أن الأشخاص الذين يتنزهون في بيئة طبيعية لمدة 90 دقيقة، مثل الغابة أو المنتزه الطبيعي، كانوا يمتلكون نشاطاً أقل في المنطقة المسؤولة عن الاكتئاب في الدماغ مقارنةً مع الأشخاص الذين يتنزهون في الأماكن الحضرية. حيث أن الآلية الدقيقة لكيفية مساعدة الطبيعة في اضطرابات المزاج غير واضحة، ولكن الباحثين يتفقون على أن إمضاء بعض الوقت في الطبيعة يساعد على أقل تقدير في رفع المعنويات. واعتماداً على دراسة في علم النفس لجريدة فرونتيرز، فهنالك احتمالية أخرى تذكر أن الهواء إلى جانب المياه المتحركة، والغابات، والجبال تحوي على مستويات عالية من الأيونات السلبية التي يعتقد أنها تقلّل من أعراض الاكتئاب.
اضطرابات نقص الانتباه/فرط النشاط
اقترحت دراسة صغيرة لأطفال مصابين باضطرابات نقص الانتباه/فرط النشاط (ADHD) أن التنزه في الطبيعة قد يكون علاجاً طبيعياً لتحسين القدرة على الانتباه. وفي أحد الدراسات، قام فريق تترأسه كو من جامعة إلينوي في أوربانا-شامبين بالطلب من أطفال يعانون من اضطرابات ADHD بالتنزه ثلاث مرات لمدة 20 دقيقة، دون تناول الدواء في مواقع مختلفة مثل الحديقة، أو الحي، أو في مكان حضري ما. وعندما قام الباحثون بفحص الأطفال بعد هذه التجربة، وجدوا أن بعد التنزه في الحديقة تمكن الأطفال من التركيز بشكل أفضل مقارنةً مع التنزه في الأماكن الأخرى. وفي دراسة أخرى منفصلة عام 2011، وجدت كو وزملائها أن الأطفال الذين يلعبون في أماكن الهواء الطلق كانت أعراض ADHD لديهم طفيفة مقارنةً مع الأطفال الذين يلعبون ضمن المنزل أو في أماكن بعيدة عن الطبيعة.
قبل أن تبدأ بتخطيط انتقالك إلى الريف، عليك أخذ ما يلي بعين الاعتبار: أفادت جامعة شاناهان في كوينزلاند أنه “هنالك العديد من الأدلّة على أنك ستتلقى العديد من الفوائد حتى لو كان كل ما يمكنك فعله هو وضع نبتة في غرفتك أو النظر إلى الأشجار عبر نافذة منزلك”.
إذ وجدت إحدى الدراسات التي استُشهد بها على نطاق واسع عن أشخاص يتعافون من جراحة في البطن أن أولئك الذين لديهم إطلالة مشبعة بالأشجار تم تخريجهم من المستشفى بعد فترات أوجز، وتعرضوا لمضاعفات أقل، واحتاجوا إلى كميات قليلة من الأدوية المسكنة للآلام بالمقارنة مع أولئك الذين كانت غرفهم مواجهة لجدران إسمنتية.
وأظهرت الأبحاث أن وجود صور وروائح طبيعية، حتى لو كانت اصطناعية، يمكن أن يكون لها تأثيرات إيجابية على الصحة. فعلى سبيل المثال، ثَبت أن الاستماع إلى أصوات الطبيعة على السماعات يساعد الناس على التعافي بسرعة أكبر من الإجهاد.
https://time.com/4405827/the-healing-power-of-nature/ المصدر: تايم، إصدار 25 يوليو 2016،
تمت الترجمة بواسطة هدى شربجي وعبدالله الخضر
Translated by: Huda Sherbaji & Abdalla Al-Kheder

اترك تعليقاً